في جامعة ستندن بقطر.. الهدايا والرشوة مقابل العلامة الكاملة
اخبار من اليمن رغم أن تنظيم الحمدين يتفاخر دائما بمستوى التعليم في قطر، لكن حقيقة هذا التفوق المزيف بدأت تتكشف، بعدما افتضح أمر تميم العار في إفساد سمعة المؤسسات التعليمية العريقة عبر أمواله المسمومة، ونجاحه في تحويل فروع الجامعات الغربية بالدوحة إلى أوكار لممارسات لا تمت للتعليم بصلة.
آخر هذه الفضائح التي كشفتها صحيفة nrc الهولندية، وقعت في فرع جامعة ستندن الهولندية بالدوحة، والمتمثلة في التحصيل الدراسي المزيف والمحسوبية والتزوير وتلقي الهدايا والرشاوى والأموال من أجل إعطاء الدارسين علامات متفوقة، دون اعتبار أن هذا سيؤثر على مستقبل الطلاب وبالتالي مستقبل الدولة.
وذكرت الصحيفة الهولندية في تقرير لها أن فرع ستندن في الدوحة، يعاني من مشكلات على مدار سنوات، حيث تظهر المقابلات مع الموظفين والطلاب والمراسلات الداخلية وملفات الطلاب أن فرع الدولة النفطية يعاني من المحسوبية وتزوير الاختبارات والدبلومة، مشيرة إلى أن إدارة الجامعة في ليوواردن شمالي هولندا علمت هذا الأمر منذ العام 2014، لكنها لم تتدخل أبدًا.
وفي أكتوبر 2018، قررت هيئة التفتيش التربوية فحص ما إذا كانت جامعة العلوم التطبيقية في قطر تلتزم “باللوائح القانونية”، بعد ورود تقرير مفصل عن الانتهاكات من قبل موظف سابق ورد فيه أن الحصول على “درجة علمية من ستندن قطر أقل قيمة من الورق الذي طُبعت عليه”، وأنه لا يوجد “رقابة على الجودة” في الدوحة.
وسلطت الصحيفة الضوء على رسالة بريد إلكتروني بعثها الأستاذ الجامعي الأسترالي جون آب، وهو متخصص في مجال إدارة السياحية، إلى الرئيس كلاسن مدير الجامعة الأم في ليوواردن شمالي هولندا، شرح فيها الوضع في فرع قطر، وأوضح حالة الإحباط والانزعاج والخوف التي تسود هناك.
وعبر الأستاذ الجامعي في رسالته عن اندهاشه التام، من عدم أنظمة إدارية وأكاديمية جيدة في فرع الجامعة بقطر، مشيرًا إلى أنه يتم تسجيل الأرقام يدويا، ولا تتم أرشفة الامتحانات والواجبات، كما أن الطلاب ذوي الأداء الضعيف يسمح لهم ببساطة بالانتقال إلى السنة الثالثة أو الرابعة.
لكن جون آب لم يتلق ردًا مرضيًا من الجامعة الأمم ليقرر الرحيل، حيث قال: “لا أريد أن أضع سمعتي الأكاديمية على المحك بعد الآن. هناك الكثير من الأشخاص الجيدين في ستندن، لكن هناك أيضًا بعض الفاسدين. لم يكن لديهم أي اهتمام بالتحسينات بل على العكس؛ كان لديهم الكثير ليخفوه”.
كما أبرزت الصحيفة البريد الإلكتروني الوداعي الذي أرسله أستاذ سويسري في ستندن قطر إلى زملائه السابقين في نهاية العام 2014، حيث تحدث فيه عن طلاب لا يعرفون حتى كيف يعمل برنامج Wor، وعن الامتحانات التي تدور حولها الشبهات، كاشف عن وجود أكثر من عشرين طالبا قدموا المال والهدايا للموظفين، في مقابل الحصول على علامات جيدة.
لم يجد السويسري أمام إلا الهرب من ستندن قطر، لكن العديد من الموظفين الآخرين لم يفعلوا؛ لأنهم ملزمون بالدوحة بسبب التأشيرة أو الرواتب العالية.
وعلق الأستاذ السويسري على رحيله قائلا: “أنا لا أريد أن أكون جزءًا من نظام يُسلم فيه الطلاب أوراق الإجابات فارغة، ثم يكتبون، خلف الأبواب المغلقة في غرفة المعلم جميع الإجابات. لا أريد أن أسمع قصصا من الطلاب الذين أخبروني بالهدايا التي يقدمونها للمدرسين، بدءًا من الساعات إلى الأثاث وأجهزة آيفون”.
فرع ستندن الدوحة يعد أكبر فرع أجنبي للجامعة، حيث أن الحرم الجامعي هو تجمع تعليمي تجاري مشترك بين ستندن وشركة الفيصل القابضة، المملوكة لفيصل بن قاسم آل ثاني، وهو ملياردير من أبناء العائلة المالكة في قطر، حيث يظهر فخورا بالتقاط الصور له بين الخريجين كل عام في يونيو خلال حفل التخرج.
ويمكن للطلاب من شمال هولندا التسجيل في دورات في الدوحة، بينما يمكن للأشخاص المهتمين من بقية أنحاء العالم التسجيل في ستندن قطر من أجل “تعليم أوروبي مؤهل تأهيلًا عاليًا”، حيث تبلغ الرسوم الدراسية في ستندن قطر حوالي 15 ألف يورو لكل عام دراسي، ومنذ العام 2000، مُنح 800 طالب من أربعين دولة “دبلومة معتمدة من هولندا” من ستندن قطر في مجال السياحة والأعمال الدولية.
وتستمد هذه الدبلومات قيمتها لأنها مُعتمدة من هيئة التفتيش التربوي الهولندية، ومنظمة الاعتماد الهولندية (NVAO)، ومجالس الاختبارات الهولندية للبرامج التي تقدمها ستندن قطر، لكن هذه الدبلومة قد تواجه خطر تراجع قيمتها عالميا، بسبب سوء الوضع في فرع قطر.
واستعرضت الصحيفة العديد من الوقائع التي تثبت وجود انتهاكات فجة في ستندن الدوحة، منها التقرير الذي كتبه رالف فيرويردا، مدير أحد برامج ستندن، في 22 أبريل 2015 بناء على طلب لجنة الفحص، والذي كشف أن الطلاب في الدوحة يحصلون على أعلى الدرجات وهو ما ينافي الواقع.
تقرير آخر قدمته مديرة التعليم آن مادن، التي أُرسلت إلى الدوحة من قبل ستندن في نفس الفترة، رصدت فيه انتهاكات فرع قطر للوائح وقوانين الجامعة الأم، ووجود طلاب يشترون شهادة الإجازة بعمليات مشبوهة وتواطؤ الإدارة في قطر.
كما فضح المتخصص في التعليم الكندي إيان مكاي، حجم المشكلات في قطر، مشيرا إلى أنه اندهش من حقيقة أن عددًا من طلاب ستندن قطر لا يُجيدون كتابة ونطق اللغة الإنجليزية الأكاديمية، بينما بحسب ملفاتهم، فإن هذا الجانب من اللغة قوي للغاية بالفعل، ما يشير إلى وجود شبهة فساد كبيرة.
كما اكتشف مكاي أن الطلاب يتم قبولهم على أساس أوراق مزورة، وأن موظفي ستندن ساهموا في هذا، أما في الإدارة، فكشف أشياءً أكثر جنونية؛ فالمستندات مفقودة، كما وجد أن الطلاب تلقوا شهادات دون الحصول على جميع النقاط الخاصة بهم، ووجد خطابات قبول تحمل تواقيع من أشخاص لم يعملوا في المدرسة وقت التوقيع.
ورغم كل الانتهاكات السابقة وحجم المشكلات والفساد في فرع الجامعة بقطر، إلا أن المجلس التنفيذي بقيادة ليندرت كلاسن، تجاهل النصائح العاجلة؛ بوقف بإغلاق فرع الدوحة، بل إنه بعد عام من هذه الفضائح تم توسيع الدراسة في الدوحة ببرنامجين جديدين.