"الخليج": الأزمة الليبية أفرزت العديد من المآسي للشعب


اخبار من اليمن ذكرت صحيفة خليجية، إن العاصمة الليبية طرابلس احتضنت الأربعاء الماضي، جولة جديدة من جلسات تجمع القوى التقدمية، هي الثانية التي تعقد للتجمع، والأولى من نوعها في الداخل الليبي، بعد أن كانت الجولة السابقة قد عقدت في تونس أواخر العام الماضي.

ومضت صحيفة “الخليج” الصادرة اليوم الجمعة – تابعها “اليمن العربي” – “حيث شارك في الاجتماع الأخير ما يقرب من 30 كياناً سياسياً ونقابة مهنية، والهدف من ذلك يكمن في إيجاد تسوية تاريخية شاملة، ومخرج للأزمة التي تعيشها البلاد منذ سنوات طويلة، خاصة بعد مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي إثر الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد عام 2011.

واضافت أن اللقاء الأخير في طرابلس ناقش العديد من القضايا المتصلة بالتسوية السياسية والقبلية المطلوبة لإنهاء الحروب الداخلية والصراعات القائمة بين الكيانات السياسية والعسكرية، كما يتبنى اللقاء مطلباً يخص استعادة الحياة الدستورية والقانون إلى البلاد، التي تسودها الفوضى العارمة، من خلال الاتفاق على جدول زمني لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وفق قرارات سابقة اتخذت في هذا الشأن، سواء في القاهرة أو باريس أو إيطاليا، والأخيرة احتضنت ما عرف بـ«مؤتمر باليرمو».

وذكرت أن السؤال هو ما إذا كان الليبيون قادرين على تجاوز خلافاتهم والتركيز على نقاط الالتقاء بينهم لمواجهة الأوضاع الصعبة التي تعيشها بلادهم، خاصة في ظل الانقسام الحاصل بين مختلف القوى السياسية، إذ إنه وبعد ما يقرب من ثماني سنوات، لا تزال الحياة السياسية والاقتصادية معطلة، وإمكانات البلاد تهدر على نطاق واسع من دون قدرة على فرملة الهرولة نحو الفوضى العارمة، التي تغذيها صراعات الماضي، والتي نجح النظام السابق في كبتها، إلا أنه لم يتمكن من القضاء عليها، خاصة بعد أن تم استبعاد الكثير من القوى والفاعليات السياسية في تقرير مصير البلد ورسم مستقبله.

وأوضحت أنه إذا كان هناك حرص على ليبيا جديدة، فإن بإمكان القوى السياسية التي اجتمعت في طرابلس البدء في التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية، وفق الخطة التي تم التوافق عليها في مؤتمرات عقدت في الخارج، ووفق الخطة التي وضعها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غسان سلامة، الذي سبق وأن أشار في وقت سابق من شهر فبراير الجاري إلى إمكانية تأجيل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في ليبيا، نظراً للخلافات التي تسود الأطراف السياسية المختلفة، التي تتقاطع مصالحها ورؤاها ومشاريعها السياسية.

ولفتت الصحيفة إلى أن الأسوأ في المعادلة القائمة هي تلك الارتباطات الخارجية للاعبين السياسيين في البلاد، والتي لا تزال تحول دون تحقيق تقارب بين الأفرقاء، خاصة في ظل مخاوف من أن تكون الانتخابات عاملاً إضافياً من عوامل الانقسام، وهو ما عبر عنه غسان سلامة الذي أشار إلى أن «الانتخابات آن أوانها، على أن تكون حلاً للمشكلة وليس تفاقماً للأوضاع بليبيا /…/ ولا بد من شروط أساسية نعمل عليها، منها وجود قانون ينظم ذلك والتزام من الجميع بما تسفر عنه النتائج، حتى لا نجري انتخابات تفاقم الأزمة».

وأكدت أن الخروج إلى طريق ينقذ ليبيا من حال الانقسام الذي تعيشه منذ سنوات طويلة، يتطلب قرارات شجاعة من قبل الأطراف كافة للحيلولة دون مزيد من إهدار الفرص في طريق التسوية التي تعمل الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية من أجل تحقيقها، خاصة البلدان المجاورة لليبيا، التي تتهددها الانقسامات في صفوف الليبيين، وأبرزها مصر وتونس، لكن يجب الابتعاد عن الارتهان لمشاريع الخارج، التي تحضر في البلد، خاصة في ظل الصراع القائم اليوم بين عدد من الدول الغربية، منها فرنسا وإيطاليا، اللتان تتصارعان على استقطاب أطراف الصراع لخدمة مصالحهما السياسية والاقتصادية، وقد انعكس جلياً تباين المواقف والأهداف بين البلدين على الصراع في الداخل.

وأشارت إلى أن ما عزز الانقسام بين الأطراف الفاعلة في الساحة المحلية، هو ما يحصل من مواجهات مسلحة بين الأطراف السياسية والعسكرية في البلاد، كما حدث مؤخراً في المواجهة المسلحة في حقل الشرارة الاستراتيجي، أكبر حقول النفط في البلاد، والتي يمكن لها أن تؤسس لصراع وتصعيد عسكري كبير للسيطرة على الجنوب.

واختتمت الصحيفة بالقول إن الأزمة أفرزت خلال سنوات الصراع الطويلة، التي تمتد لثماني سنوات، العديد من المآسي للشعب الليبي، وقد حان الوقت لرفع معاناته عبر التوافق على حلول وسط، تعيد الأمن والاستقرار الذي افتقدته البلاد، وإعادة بناء ما تم تدميره بعيداً عن التأثيرات الخارجية التي تصب مزيداً من الزيت على نار الأزمات المشتعلة في كل مكان.