اخبار من اليمن عائلة كاملة مهددة بالضياع…قصة إنسانية تدمي لها القلوب وتذرف منها العيون دماً
2019/01/22م الساعة 06:31 PM (الأمناء / عبد الصمد القاضيّ 🙂
تكابد أم “عبد الرحمن” مرارة فقدان طفلها الرّضيع الغائب الحاضر منذ 4 سنوات ؛ فقد عجزت أسرته الفقيرة عن علاجه ، وأضطر والده لبيعه لأحد الجيران ؛ لكنّه قبض المال ليتزوج بأخرى .
وتسيطر القصّة المأساويّة على يوميّات غرفة مبنية من الطوب الإسمنتي لا تتجاوز مساحتها 3 متر في مترين ، تقع إلى جانب “السعيد ” بحيّ عصيفرة ، أحد أكبر جوامع مدينة تعز .
وفي زوايا الغرفة يصفر ريح الفقر والحرمان , وتكبر مأساة قصة ” عبد الرحمن” الطفل الرضيع الذي غادر عائلته وعمره شهرين ولم يعد سوى صوراً فوتوغرافية لطفل يكبر لدى أسرة أخرى ، وانقطعت أخباره منذ عامين .
تقتسم العائلة المكونة من4 أطفال وامرأة مروعة مكلومة بفقدان طفلها الحيّ البعيد ، الغرفة التي يغطي أرضيّتها فرش بلاستيكيّ متهالك ، جزء منه مكشوف خصص لإعداد الطعام على ” شولة ” بوتاجاز صغيرة .
ينام أفراد الأسرة على فرش وأغطية مهلهلة ؛ لكنّ قلب الأم يمزقه فراق الابن ويجعله كحال الغرفة المقفرة من الحياة .
وتعيش الأسرة الفقيرة على المساعدات ، وما تجود به أيدي فاعليّ الخير؛ فربّ الأسرة المفترض ، تزوج بأمّ عبدالرحمن ، التي رفضت الإفصاح عن اسمها ، قبل سنوات عديدة ، ويعيش بلا عمل ، وهو من حراز في صنعاء ، استقرّ به المقام في تعز.
يبدو أن الحياة لم تجد على هذه المرأة بغير الوجع منذ وقت مبكر في حياتها ؛ لكنّ عذاب الأم المكلومة تعاظم أكثر بعد رحيل عبد الرحمن .
قبل أربع سنوات وبضعة أشهر ،وضعت المرأة التي تبدو حزينة طفلها الذي أطلقت عليه أسم عبدالرحمن، وقد ألم به المرض وهو في عمر شهر وأصيب بالتهاب معوي.
وتقول أم عبدالرحمن التي زارها الحرف 28 إلى مسكنها المهدد، إنها ووالده عجزا عن علاجه، ” فتبرع به والده لفاعل خير ” كان جاراً للأسرة .
ووفقا لرواية المرأة التي تعاني من عديد أمراض وحروق تظهر كوشوم على أيديها فإن “فاعل الخير أشفق على الأسرة ” وأعطى بعض المال لزوجها ؛ فأخذ الرجل المال وتزوّج عليها وطردها من المنزل .
تضيف دامعة : ” أخذه وعمره شهرين ومن حينها لم تره عيني حتى اليوم ومنعوا عنّي صوره”.
لكن القصة تبدو من جانب آخر كما لو كانت صفقة مرتبة بين والد الطفل وجاره الذي شارك في تحويل حياة الأم إلى جحيم.
بوجه أسمر ولحية غير مهذبة خالطها البياض، بدأ والد الطفل في الأربعينيات من عمره عندما قابله الحرف 28.
كشف الرجل عن ارتباطه بامرأة أخرى أثناء ولادة طفله وكان قد تقدم لخطبتها ، ويبدو أنّ ميلاد الطفل ، جاد له بفرصة ليظفر بزوجة أخرى.
يتحدث والد الطفل بشيء من اللامبالاة، وكأنه غير مسؤول عن شيء، فقد قال إن والدة طفله كانت مريضة أثناء مرض عبدالرحمن، وأن جده لأمه رفض أن يعوله ؛ فاضطر هو من جانبه اللجوء الى خطيبته لرعاية الطفل فنشبت بينهما مشاكل أسرية ” فأعطيته لفاعل الخير جارنا خالد شنب”.
وتمّ الاتفاق بين الطرفين على التّاليّ : تعهد الجار بعلاج الطفل، وتربيته حتى يتجاوز عمره 10 سنوات ومن ثمّ يتمّ إعادته إلى أهله !
لكنّ الجزء الهام من الصفقة يعرفه والد الطفل جيدًا، فالرجل الذي أخذ الطفل لعلاجه التزم بدفع مبلغ من المال وهناك من يتحدث عن مبلغ يصل إلى مليون ريال .
يروي والد الطفل الحكاية بطريقته ويقول : إنّ جاره ” ساعده بالقليل من المال للزواج من خطيبته ” كجزء من الاتفاق الذي جرى بين الطرفين ، وهو يرفض الحديث عما جرى بأنّها عملية بيع .
بعد الصفقة أخذ جاره الطفل الرضيع معه إلى صنعاء بالتزامن مع بدء الحرب ، وقد أصبح عمر الطفل الآن 4 سنوات ، وكان الرجل يوافي الأسرة بصوره أولاً بأول، ومنذ عامين توقف عن الرد على اتصالات الأسرة أو موافاتهم بالصور.
أمسكت الأم بشوق وشغف ويكاد قلبها ينفطر، آخر الصور الفوتوغرافية التي حصلوا عليها للطفل “عبدالرحمن”، قبل عامين.
يبدو الطفل في صحة جيدة وشكله مهندماً ونظيفاً ويرتدي ملابس أنيقة، خلافاً لأشقائه المتكومين بالغرفة الرثة.
تقول والدته إنها أصيبت بحالة نفسية بسبب فقدان طفلها بينما تعاني الأمرين لسد رمق أطفالها الأربعة.
قالت بصوت متهدج :” أريد ابني لأضمه لصدري، أريد أن أراه فيملأ عيني…
سأطرق كلّ الأبواب وأوفر له وبقية إخوانه كسرة الخبز “.
وسبق أن فقدت المرأة طفلاً آخر قبل عبدالرحمن ، يدعى “عبد الله” عندما كان عمره عامان ونصف بعد أن عضه كلب مسعور وتوفي بعد عجزهم عن توفير علاج داء الكلب .
وتقول : ” لم أعرف السعادة الزوجية منذ يوم زواجي حتى يوم الطلاق المشؤم و كانت حياتها موعودة للبؤس والحرمان والتّعاسة ” .
يتكوّم في الغرفة 4 أطفال بينهم طفلتان في سنّ التعليم لا تذهبان إلى المدرسة ؛ بسبب فقر الأسرة.
وفي ظلّ استمرار الحرب الدائرة في البلاد منذ مارس 2015، زادت حياة الأسرة قسوة ومعاناة ؛ فهي تعتمد على المساعدات الإنسانية التي تأتيها من منظمات الإغاثة والتسوّل أحيانا للحصول على ما يسدّ قوت يومهم كما تقول الأم .
ويجود عليها الجيران وبعض فاعليّ الخير ببعض المساعدات والموادّ أحيانا كالزيت والقمح والسكر.
لكن زوجها غريب الأطوار لازال يمثل مشكلة كبيرة لأفراد الأسرة .
فكلما أستطاعت الحصول على بعض الإغاثة والتسجيل لدى المنظمات يقوم طليقها بأخذها إلى بيته الأخر أو بيعها كما تقول، تماما كما باع الطفل ليتزوج بأخرى.
وينتظر الأسرة قليلة الحيلة، أياماً أكثر قساوة، فملاك الأرضية التي تقع فيها غرفتهم، طالبوهم بمغادرة المكان لأنهم على وشك البيع، وستتعاظم مأساة الأسرة لتجد نفسها ملقاة في الشارع والتشرد الكامل.
تناشد الأسرة فاعليّ الخير والمنظمات الإنسانية مساعدتها والمساهمة في علاج المرأة المسكينة وأطفالها من الضياع .