المغرب يعتمد أنظمة تقليدية متنوعة لتعزيز تعليم وتحفيظ القرآن الكريم رغم التطور التكنولوجي

يعد المغرب نموذجًا يحتذى به في الحفاظ على تعليم القرآن الكريم، حيث تتبنى البلاد مجموعة من الأنظمة التقليدية التي تسهم في تعزيز جهود التحفيظ ورفع عدد القراء رغم ظهور تقنيات حديثة. يأتي ضمن هذه الأنظمة “التعليم العتيق”، الذي يركز على تحفيظ القرآن وتعليم العلوم الشرعية واللغوية، إلى جانب الرياضيات واللغة العربية.
يُعتبر “الشرط” نظامًا تقليديًا يُعتمد في العديد من القرى والمدن، حيث يتضمن اتفاقًا بين الإمام والجماعة، يشمل إمامة المسجد وتحفيظ القرآن. كما يجتمع الإمام والمواطنون لقراءة الحزب الراتب يوميًا بالمساجد، وهي ممارسة لها جذور عميقة في التاريخ المغربي.
وفقًا للباحث محمد بولوز، فإن العناية بالقرآن الكريم تُمثل أحد أبرز مظاهر الاهتمام الديني في المغرب، حيث يشمل ذلك تعليم الأطفال من خلال الكتاتيب القرآنية، وتدريس مواد القرآن في المدارس العتيقة. وقد أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عن وجود 12,290 كتّابًا قرآنيًا في البلاد، مع إقبال كبير من الأطفال، حيث يتجاوز عدد الدارسين 457 ألفًا.
علاوة على ذلك، يُساهم تنظيم الفعاليات الثقافية والمسابقات القرآنية في تعزيز الوعي بأهمية القرآن في المجتمع. وقد طُبعت مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف 350 ألف نسخة في عام 2024، لتلبية احتياجات المساجد ولمساعدة ذوي البصر الضعيف.
يحظى نظام “الحزب الراتب” بشعبية كبيرة، حيث تُقَرأ أجزاء من القرآن في أوقات محددة. هذا النظام يتبع تقليدًا يعود إلى العصر الموحدي، حيث يضمن تلاوة القرآن بشكل مستمر.
يعتبر نظام “الشرط” أيضًا جزءًا من جهود المغرب للحفاظ على تعليم القرآن، حيث يُعقد اتفاق بين الجماعة والأئمة لتعليم القرآن والصلاة. يتضمن هذا النظام توفير دعم مادي للأئمة والمشرفين على تعليم القرآن، مما يؤكد اهتمام المجتمع بأهمية التعليم الديني.
فيما يتعلق بالتعليم العتيق، هناك 285 مدرسة مع تسجيل أكثر من 29 ألف طالب، حيث تم إدخال إصلاحات تجعل هذا التعليم متاحًا ومرتبطًا بالنظام التعليمي العام. كل هذه الجهود تعكس هوية المغرب الثقافية والدينينة، وتساهم في الأمن الروحي وتعزز التقاليد التعليمية عبر الأجيال.