اخبار من اليمن السعودية: “المسند” آخر فترة كانت الجزيرة العربية مروجاً وأنهاراً كان قبل نحو 8 آلاف سنه

( مناخ شبه جزيرة العرب منذ الألف الخامس عشر قبل الميلاد 15 ألف ق.م )
اقراء ايضاً :
======================================
يقول صلى الله عليه وسلم :
( لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً و أنهاراً كما كانت) [ رواه مسلم حديث صحيح ] .
______________________________________________
قام البروفسور Michael Petraglia من جامعة أكسفورد بدراسة لصحراء شبه الجزيرة العربية فوجد أن هذه الصحراء القاحلة تخفي تحت رمالها شبكة هائلة من الأنهار ما يعني أن هذه المنطقة كانت تعج بالحياة و الحركة و الكائنات الحية و الغابات و يعمل هذا الباحث مع فريق عمل لإستكشاف و معرفة المزيد حول هذه المنطقة – البحث منشور ملخص عنه بتاريخ 26 أبريل 2012 بعنوان Scientists explore an ancient network of rivers and lakes in the Arabian Desert وذلك على موقع جامعة أكسفورد .
______________________________________________
منذ نهاية عصر الجليد الأخير و بداية العصر الدفيء في حوالي الألف الخامس عشر قبل الميلاد في هذه المرحلة بالذات كانت منطقة الخليج العربي إمتداداً أرضياً لجنوب العراق الممتدة من أعالي الفرات تقول نتائج بحوث سفينة الميتيور الألمانية نتيجة لإنخفاض مستوى مياه البحر خلال العصر الجليدي الأخير إلى حوالي 110 أمتار عما هي عليه اليوم كان الخليج العربي أرضاً يابسة تتكون من منخفض يبلغ طوله حوالي 1100 كيلومتر و وسطي عرضه 180 كيلومتراً و لا يتجاوز عمق غوره 30-100 متر و تشق قاع الخليج قناة حفرتها مياه النهرين تبدأ قرب الفاو لتصب في خليج عمان و من الجدير بالملاحظة أن تضاريس قاع منطقة الخليج تشبه إلى حد كبير طبيعة الأرض التي يجتازها نهر الفرات في سوريا إلى درجة دفعت الباحثين للإعتقاد بأن حوض الخليج يكاد يكون إستمراراً للأرض السورية فلا يفصل المنخفضين إلا السهول الرسوبية المنبطحة المعالم و إعتباراً من أواخر العصر الجليدي الرابع ” الأخير ” أي منذ حوالي 15000 قبل الميلاد تأخذ مياه البحر بالإرتفاع بفعل مناخ دافئ يسود الكرة الأرضية خلال عصر الهولوسين ” الدفيء ” و بإستثناء إنقطاعين عارضين حدث الأول حوالي 12000 سنة ق.م و الثاني حوالي 10000 سنة ق.م بفعل التذبذبات المناخية تابع ماء البحر إرتفاعه و إستمر يغمر منطقة الخليج حتى إستقر مستواه تقريباً إعتباراً من حوالي 6000 ق.م على وضعه الراهن في القرن العشرين و بذلك إنفصلت المرتفعات التي ستعرف فيما بعد باسم البحرين و فيلكا و بوبيان و غيرها من الجزر عن الأرض العربية التي تحولت بدورها إلى شبه جزيرة و بلغ إرتفاع منسوب المياه إلى 120 متراً ” ( هشام الصفدي المرجع السابق ص 76 و 81 ) .
يقول تشايلد في كتابه التاريخ القديم :
” في الوقت الذي كان فيه شمال أوروبا مغطى بطبقات الجليد إلى مسافات بعيدة و كانت جبال الألب و البرينه مغطاة بكتل الجليد كان ضغط القطب الشمالي الشديد يسوق أعاصير الأمطار التي تهب على أوروبا الوسطى و يجعلها تجتازها و تعبر حوض البحر المتوسط و تستمر في سيرها دون أن تستنزفها الجبال السورية فتصل إلى العراق و جزيرة العرب و حتى إلى بلاد فارس و الهند فكانت الصحارى التي يلفحها العطش الآن تتمتع بأمطار منتظمة و لم تكن الأمطار الذاهبة إلى جهة الشرق أكثر مما هي عليه الآن فحسب بل إنها كانت موزعة على جميع فصول السنة بدلاً من أن تكون مقصورة على فصل الشتاء و كان يعيش في شمال إفريقيا ( و في جزيرة العرب أيضاً ) حيوانات من نوع ما يوجد الآن في زيمبابوي و روديسيا ” ص 16 – 17 .
يقول الدكتور جاك لابيري :
” و كان نهر دجلة و الفرات نهراً واحداً يسير وسط منطقة الخليج ” الحالي ” ليصب في المحيط الهندي إذن كان بحر الخليج أرضاً يابسة يجتازها النهر المذكور كان سهلاً واسعاً و خصباً و في هذا السهل و منذ آلاف السنين حيث كان مستوى البحر منخفضاً 100 متر حدثت حتماً عملية إنتقال الإنسان من حالة العصر الحجري القديم إلى حالة العصر الحجري الأخير ” المزارعين الثابتين ” لقد تم ذلك منذ 12 أو 10 آلاف سنة و قد ظل سطح البحر يرتفع منذ ثمانية آلاف سنة دافعاً بالسومريين الأوائل إلى منطقة الشمال الغربي فبلغ البحر و منذ ستة آلاف سنة المستوى الحالي الذي نعرفه فإستقر السومريون في مدينة أور و ضواحيها و المعروف أن المدن الكبرى القديمة في بلاد الكلدان توجد على بعد 140 كيلومتراً تقريباً من هذه الأراضي و هذا المستوى كان الأقصى الذي بلغته مياه البحر منذ 6000 سنة و حين إنحسرت مياه البحر في ما بعد بقي السومريون حيث كانوا ” ( لقاء مع د. جاك لابيري مجلة ” الصفر ” عدد أغسطس/ آب 1987 تصدر عن شركة إنترسبايس للنشر بالتعاون مع المركز العربي للدراسات الدولية ص 41 ) .
يقول الدكتور جواد علي في كتابه تاريخ العرب قبل الإسلام ج1 ص 97-102 :
” و لقد جاء في النصوص القديمة ما يدل أن جزيرة العرب كانت من مناطق الغابات المكتظة بالأشجار فكانت جبال الطائف تمون مكة بالأخشاب الصالحة للبناء و الوقود كما أن المنطقة الواقعة بين ” العلا ” و ” معان ” هي من المناطق الصحراوية في الوقت الحاضر ومن أراضي ثمود قديماً و قد كانت من مناطق الغابات المكتظة بالأشجار و كانت مملوءة بالحيوانات المفترسة و كذلك المنطقة بين مكة و عرفة كانت حتى القرن السادس عشر الميلادي ( أي قبل 500 سنة فقط ) مغطاة بالأشجار و العوسج و السلم حتى أن اللصوص كانوا يتخذونها مخابئ يهاجمون منها القوافل ” .
______________________________________________
و لقد جاء في القرآن الكريم ما يؤكد صراحة على وجود الأجواء الممطرة و الأنهار لدى سكان شبه جزيرة العرب القدماء و قد جاءت كلها في معرض التذكير و الدعوة إلى الإتعاظ بمن تقدم من الأقوام الذين تمتعوا برغد العيش و ذلك بتوافر المياه و المزارع و الجنان و العمران و أما قوم عاد الذين كانوا في جنوب اليمن في حضرموت الأحقاف { كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله و أطيعون و إتقوا الذي أمركم بما تعلمون أمدكم بأنعام و بنين و جنات و عيون } ( الشعراء 123 – 136 )
أما قوم سبأ في اليمن { كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين و شمال كلوا من رزق ربكم و أشكروا له بلدة طيبة و رب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم و بدلناهم بجنتهم جنتين ذواتي أكل خمط و أثل و شيء من سدر قليل } ( سبأ 15 – 17 )
كما أن نهر الدواسر و هو أكبر أنهار شبه جزيرة العرب تبدأ منابعه في جبال عسير ” السراة ” فقد كان يتجه إلى الشمال و الشرق مخترقاً سهل الربع الخالي ثم يتصل بوادي الرمة قرب شواطئ الخليج العربي جنوب موقع البصرة الحالي و شمالي البحرين .
كما أكد برترام توماس صاحب كتاب ” العرب ” وجود بقايا بحيرة في الربع الخالي عند منخفض ” أبو بحر ” كما لاحظ أن وادي الرمة لا زال مليئاً بالصخور الرسوبية و الحصى مما يدل على أنه كان في القديم مجرى نهر غزير المياه و لا تزال بقايا بحيرات مليئة بالمياه ( الدكتور أحمد سوسة ري سامراء ج 2 ص 539 ) .
وهكذا نجد أن شبه جزيرة العرب كانت أخصب بقعة على سطح الكوكب و أكثرها ملاءمةً لوجود الإنسان و الحيوان و النبات و لنشوء الحضارة و إنطلاقها